هل نحن بحاجة إلى الله ؟


في نقطة ما من الزمن وحينما امتلك الإنسان نوعاً ما من الهوية العقلية ونوعاً ما من الذخيرة الفكرية والمرئية
انطلق الإنسان باحثاً عن هويته لا في الأرض بل في نقطة ما من الوجود لم يكن سهلاً تلك المهمة ولم يكن البحث بحد ذاته مهمة سهلة أيضا، ولكن التساؤل كان اخذ موضع قدم كبير من تفكيره وحيزٌ كبير من العقل ، وكان العالم المكتشف حديثاً أمام رؤيته أمام مشاهدته عالماً عميقاً مرعباً مخيفاً إلى ابعد الحدود وكان كل يوم في حالة اكتشاف مكثف بدرجة غير قابلة لتصورنا نحن ألان ، وكان الاكتشافات دون أجوبة دون سبب دون أفق محدد وكان السماء والأرض لا تعطي أي أجوبة فورية وانية ، والرؤية كانت ناقصة إلى ابعد حدود الرؤية ، وحينما كان الشمس يغترب فانه كان يغور في الأرض عميقاً بعيداً.. بعيدا وكان عليه كل يوم أن يجد تفسيراً مقبولاً لوحشية الأرض وأحيانا البحر ، ذلك حسب أماكن تواجده وعيشه ، وطور وكون الرؤية وفق هذا التحليل وتكاثف هذه الرؤية بصورة كبيرة وقوية وبمرور الزمن أصبح أسس وقاعدة تتوارث ذهنياً ولم يعد دماغ البشر مجرد لوحة بيضاءه نقية بل مليئة بالشوائب والأتربة والتأملات المنسية والأحلام الهاربة والتأويلات المحرمة أو المحللة وكان الهروب إلى الإمام دائماً خير وسيلة لتفسير الأشياء وتحيد القيم .
أنا لا أحاول هنا أن اطرح مسألة مكررة بعدد تكرار أيام الأسبوع في السنة ، فانا لا أحاول إن انبش التاريخ بصورة شخصية وأعيد اكتشاف ما هو معروف وأعطي للأشياء أسماء ومسميات جديدة ولكن بفحوى القديم ، المسألة هو في الفهم الإنساني للتاريخ وليس تجريده منه فالتاريخ وكل التراث المكتوب والغير مكتوب هو تراث أنساني خالص أي انه من صنعنا نحن البشر ولم يشاركنا مخلوقات أخرى في كتابته بعكس التاريخ البايلوجي والطبيعي هو تاريخي كل الكائنات الحية وكل يملك بصمة معينة واضحة في تشكيله ولكن نحن البشر من قام بتوثيقه وأرشيفه وتنظيمه والحفاظ عليه من جيل إلى جيل ، ولكن حتى هذا التاريخ هو تاريخ من وجهة نظرنا وبالتالي هو تعبير بصورة أو باخرة عن رؤيتنا وهي تستند في التأريخ والرؤية والرواية على التصور العام الذي يمتلكه البشر وعليه يستند في فهم وتوضيح الأشياء، و اذ كان الدين هو إحدى الأسس التعبيرية ألان للأشياء ، وبالتالي الله هو تعبير أخر يستند عليها التبريرية والأسباب والنتائج للأشياء الماضية وبالتالي كل التاريخ القادم أيضا .
إذن فالبحث عن سبب حاجتنا لـ الله نابعاً من تعبيرناً المسبق للتاريخ الماضي كحالة معبرة عن قوة الله وجبروته وهكذا التبس التاريخ البشري بتاريخ إلهة وتاريخ إلهة بتاريخ الإنسان وانزلق الإنسان إلى متاهة الاغتراب الذاتي الأول دون أي مقاومة تذكر فحتى حينما عبر عن رفضه للرب ومفهوم الخالق الأعظم فان رفضه أصلا مستند على وجود الله وليس عدمه وذلك فانه بدأ البحث عن كيفية الوجود الأول ومعنى الروح وشكل الروح وذلك بالمحاولة لنفي ما أكده سابقاً حينما كان الرؤية الإنسانية مسطحة لا ترى البعد الثالث للأشياء ،نظرة هي كأفلام الكارتون الثنائي الإبعاد وحينما اكتشف البعد الثالث للحياة والرابع والسادس بداء الضياع وانتهى بنا المطاف في تفسير الماء بالماء .
وهكذا فان الإنسان بداء يشكل رؤيته من منطلق الخالق- الله وهذا دفعه بالتالي إلى التعبير ضمنياً حتى في حالة رفضه لوجود الخالق عن قدرة وقوة الخالق وذلك بفعل الخلق نفسه ، فالحضارة الإنسانية هي حضارتنا نحن البشر ومن دون أي تدخل من آلهة نفسها وما نراه الان من انجازات هي انجازات إنسانية بحتة ، ودور الله حددناه بخلقه لنا وما صنعناه-خلقناه فقد آتى من عبقريتنا نحن .
ولكن ما زال تساؤلنا الأول يملك قوة كاملة في التغلغل في أذهاننا والتعشعش فيها وبجذور قوية جداً فالإنسان منذ طرحه تساؤله الأول في علة الوجود والمعلول وليومنا هذا فما زال الإجابة تجد صعوبة في أقناعنا نحن البشر وهذا ليس عائد إلى عدم وجود الأدلة على عدمية العلة الأولى أو لا بل ان قدرتنا إلى التساؤل أصبح اقوي وأعمق وأقوى وأكثر كثافتاً وأصعب حجتاً وهذا بحد ذاته دفعنا إلى البحث من جديد في الأجوبة القديمة والتساؤلات القديمة وإيجاد خط واضح أو بالأحرى خيط ما أيما يكون شكله وقوته لا يهم المهم أن يكون هناك ربط ما لكي نحاول أن نعبر عن الاغتراب بصورة اعمق واكثر خصوصيتا .
ً

تعليقات