تسو نامي ذكرى هزيلة

تسو نامي ذكرى هزيلة



يوم الاثنين مرت الذكرى الأولى لما يسمى بكارثة تسو نامي الطبيعية (مع إن الطبيعة بريء منها) ومنذ حدوث الكارثة ولحد ألان قرأنا الكثير وسمعنا الكثير من التعليقات حتى إن بعض محترفي الحمقى والغباء السياسي ذهبوا إلى حد أنها من فعل أمريكا نعم لا تنعتوني بالمعتوه نعم لقد قرأت ذلك بنفسي والبعض الأقل غباءً ذهب إلى حد بأنه لعنة الإلهية (مع أنها حدثت في مناطق متشددة دينياً) والبعض في نفس درجة الغباء ادعى أنها رحمة الإلهية والبعض الأخر ادعى بأنها إشارة على قرب يوم القيامة وهلم جرا.
إن الكوارث أو بالأحرى الظواهر الطبيعية (لأنها كارثة فقط بالنسبة لنا نحن أصحاب المصالح في هدؤ وثبات الطبيعة) ليس شيئاً جديداً علينا وها نحن نرى في أمريكا(الذي كان المحدث للكارثة) كل موسم نرى العشرات من الزوابع البحرية والقوية جداً ومنها ما احدث من الإضرار بمستوى تسو نامي إن لم يكن اكبر .
ومرة ثانية نرى قادة الغباء التاريخي يدفعون الأسباب إلى لعنات الإلهية واومر سماوية دون التفكير للحظة بشيء مغاير لان ملكوت التفكير بكل أسف مفقود منذ العصر الجليدي الأول .
إنا لا ادعي هنا فقه اللغة والعلوم الطبيعية ولكن الأمور لا تجري بكل هذه البساطة في الطبيعة وأمور الطبيعة ليست منظمة وفق التفكير البشري العقيم أو حتى وفق أي مفهوم علمي وكل ما يستطيع العلم فعله هو التفسير وليس التحديد لان الطبيعة كمفهوم هو مسبق لتصورنا ولمفهومنا وكل ما نتصوره ونفكر فيه ووفقه هو متجزئ أو مستنسخ بصورة باهتة وضيقة جداً من الطبيعة وليس هناك أدوات بشرية (حتى التكنولوجيا منها) ليست مستوحية بطريقة أو بأخرى من الطبيعة ذاتها ، مع ذلك فنحن دائماً أخذنا من الطبيعة ولم نعطي شيئاً بالمقابل لها لقد دمرنا الغابات وغيرنا مجرى الأنهار وجفافنا بعضها وأبدنا ألاف الأنواع من الكائنات الحية وأهدرنا ألاف والملايين من موارد الطبيعة من اجل أمور أنية ووقتية ودون إيجاد البديل أو مقابل حتى البحر بلطنها حتى باطن الأرض حفرنها وقطعنا أوصال الطبيعة بصورة وحشية وفي احتفالات سادية وكل ذلك باسم الحضارة والتمدن والتقدم وخلال كل ملايين السنيين من عمر الأرض لم يستطيع أي من الكائنات الحية من تدمير موارده وظواهره وأسسه بهذا الوحشية سوى الإنسان ونرى الاستنزاف لموارد الطبيعة أخذت سرعات لا نستطيع قياسها بأي من السرعات العادية لتتطور الأمور فلو أخذنا مادة النفط الذي احتاج إلى ملايين السنين كي يتكون فقد اخذ من الإنسان فقط بعض مئات من الأعوام لإفنائه وإلغاءه من الوجود وهكذا بالنسبة للأمور الأخرى إن كارثة تسو نامي لم ولم تكن كارثة طبيعية ولم تكن لعنة سماوية ولم تكن إشارة الإلهية بقرب قيام يوم القيامة أنها كارثة الحضارة الإنسانية وحماقة جشع النظام الاقتصادي العالمي لتركم ثرواته وإهداره لموارد الطبيعة و في القطب الشمالي نرى فجوة الأزون تتسع وليس هناك أي مؤشر في انحساره وفي أوروبا نرى ارتفاع حاد في درجات الحرارة وباطن المحيطات تصبح أكثر حرارةً والتغيرات المناخية المفاجئة بآلاف وفي كل مكان وكب هذه هي كوارث اكبر بكثير من تسو نامي لقد كان ظهور الديناصورات كارثة كبيرة على الطبيعة وكان سبباً في ظهور إحدى العصور الجليدية الأكثر فساوتا ولكن لم يكن ظهر الديناصورات كارثة بقدر ما كان ظهور الإنسان بحد ذاته فإذ كان الديناصورات علامة فارقة في التاريخ الطبيعي فعلى أكثر تقدير يكون خاتمة الطبيعة وعراب مأتمه على يد الإنسان ذات وحضارته السخيفة فإذ كان هناك شيء نفعله فعلنا وبكل شجاعة إن نلعن أنفسنا ونضحي بمصالحنا الآنية من اجل استقرار الطبيعة وديمومة الحياة ذاته إن التضحية بموارد الطبيعة والطبيعة ذاتها يجب إن تتوقف فليس مصيرنا نحن البشر فقط متوقفة على موقفنا القادم بل مصير الحياة بصورته الذي نعرفه أيضا فإما يتخذ قراره بكل شجاعة وإما نفني في منتهى الجبين والحقارة




ريبيين استراليا
December 27, 2005

تعليقات